هلا تلقَّيتها فأتيتَنا بها من قبلِ أن نسألَكها {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي} (١).
وقيل: إذا لم تأتهم بآية اقترحوها قالوا: إنما أنت تتقوَّله فهلا اختَرْتَ شيئًا تقرأه علينا من عند نفسك، وما اعتذارُك بإبطاء الوحي عنك وليس ما تأتي به وحيًا؟! {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي} ولا أَختلِقُه من عند نفسي.
وقال مجاهد: {لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا}؛ أي: هلا ابتدَعْتَها (٢).
وقال الفرَّاء: تقول العرب: اجتَبيتُ الكلام واختلقْتُه وارتجلْتُه؛ أي: افتعلْتُه (٣).
وقوله تعالى: {هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}: أي: لهذا القرآن حججٌ ظاهرةٌ يبصَرُ بها الحقُّ، وهادي إلى الطريق المستقيم، ويرحمُ اللَّه مَن عمل به فيدخلُهم الجنة، وهذا نفعٌ يختصُّ به المؤمنون.
* * *
(٢٠٤) - {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}: ويتصل بقوله: {هَذَا بَصَائِرُ} يعني: القرآن.
وقال الكلبي: كانوا يرفعون أصواتهم حين يسمعون ذكرَ الجنة والنار، فنزلت هذه الآية (٤).
(١) انظر: "الوسيط" (٢/ ٤٣٩)، و"تفسير البغوي" (٣/ ٣١٨).
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٦٤٤)، وبنحوه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٦٥٥).
(٣) انظر: "تفسير الطبري" (١٠/ ٦٥٦)، و"تفسير الثعلبي" (٤/ ٣٢٠)، و"البسيط" (٩/ ٥٥٩)، و"زاد المسير" (٣/ ٣١٢)، و"البحر المحيط" (١٠/ ٤٦٨)، وكلمة: "افتعلته" تحرفت في النسخ إلى: "اقتلعته"، والتصويب من المصا در. وانظر: "معاني القرآن" للفراء (١/ ٤٠٢)، ولفظه: {لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا}: هلا افتعلتها، وهو من كلام العرب جائز أن يُقال: اختار الشيء، وهذا اختياره.
(٤) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٩٧٨)، وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٣٢١)، والواحدي في =