(١٤) - {ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ}.
وقوله تعالى: {ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ}: أي: قاسُوا ذلك، مفعولٌ مقدَّمٌ في الذكر.
وقيل: أي: ذلكم حكمُ اللَّه، أو: ذلكم عذابُ اللَّه فذوقوه.
وقوله تعالى: {وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ}: أي: هذا الذي أعددْتُ لكم في الدنيا من القتل والجرح والأسر على أيدي أوليائي، ثم لكم في الآخرة مع سائر الكفار عذابُ النار الذي لا ينقطع.
ثم عطَفَ بالواو الخبرَ على الأمر -ولا يتفقان- لأن هذا الأمرَ في معنى الخبر؛ أي: تذوقونه.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: ذلكم العذابُ فذوقوه معجَّلًا، واعلموا أن للكافرين عذابَ النار مؤجَّلًا، فللعصيان عقوبتان: معجَّلٌ بنَقد، ومؤجَّلٌ بوَعد (١).
* * *
(١٥) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ}.
وقول تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا}: أي: إذا وقع الالتقاءُ مع الكفار في حين المزاحَفة، وهي إذا سوِّيت (٢) الصفوفُ، وزحف بعضهم إلى بعض؛ أي: سار سيرًا ثقيلًا يدنو به قليلًا قليلًا على زحمةٍ من الجانبين.
وقوله تعالى: {فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ}: أي: فلا تجعلوا أدباركم تلي أعداءكم (٣) وذاك يكون بتحويل الوجوه عنهم، وهو كنايةٌ عن الانهزام.
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٦٠٨). ووقع في (أ): "معجل ينفذ ومؤخر بوعد" وفي "اللطائف": "محصل بنقد ومؤخر بوعد".
(٢) في (ف): "استوت".
(٣) في (ر): "أدباركم إلى أعدائكم".