وقوله: {زَحْفًا} مصدرٌ بمعنى النعت، وهو للجمع، ونصبه على الحال، وتقديره: متزاحفِينَ.
* * *
(١٦) - {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
وقوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}: أي: ومَن ارتكَبَ هذا النهيَ حينئذٍ، واليوم: اسم لبياض النهار إذا أُطلق، فإذا قُرن به فعلٌ لا يمتدُّ يراد به مُطلَق الوقت، فصار قوله: {يَوْمَئِذٍ} بمنزلة قوله: حينئذٍ.
والتولية تتعدَّى إلى مفعولين.
وقوله تعالى: {إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ}: أي: مائلًا، يقال: تحرَّف وانحرف؛ أي: مال إلى جانبٍ، والحرف: الجانب؛ أي: ينتقلُ من مكانٍ إلى مكانٍ آخر (١) للقتال أيضًا.
وقال السدِّي: هو الاستطراد يريد العودةَ (٢)؛ أي: يطردُ فرسَه يطلبُ موضعَ إصابة للعدو.
وقوله تعالى: {أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ}: أي: منضمًّا إلى جماعة، يعني: إذا كثُر العدوُّ ولم يكن له بهم طاقةٌ، فانصرف إلى إمامه أو إلى جماعةٍ منهم يمتنعُ بهم ثم يقاتل هو وهم العدوَّ، لم يكن من أهل الوعيد.
والتحيُّز: تَفَيْعُلٌ (٣)، ولو كان تَفَعُّلًا لكان: تحوُّزًا بالواو؛ لأن أصله الواو، ويقال:
(١) "آخر": ليست في (ف).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٧٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٦٧٠).
(٣) في النسخ: "تفعيل"، والصواب المثبت. انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (٣/ ١٠٧)، و"تهذيب اللغة" (٥/ ١١٥)، و"البحر المحيط" (١١/ ٤٨)، و"تفسير ابن كمال باشا" عند هذه الآية.