وقوله تعالى: {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ}: أي: إسماعَ تفهيمٍ دون توفيقٍ (١) {لَتَوَلَّوْا} عنه فلم يعملوا به؛ إذ لم يوفِّقهم اللَّه لِمَا علِم من اختيارهم تركَ العمل به.
وقوله تعالى: {وَهُمْ مُعْرِضُونَ}: أي: للحال، فلا تكرار في الكلمتين؛ إذ قوله: {لَتَوَلَّوْا} هو عند الإسماع، {وَهُمْ مُعْرِضُونَ} للحال.
وقال الزجَّاج: {لَأَسْمَعَهُمْ} جوابَ كلِّ ما يسألونه، {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ} ذلك لم يعملوا به ولأَعرضوا عنه (٢).
* * *
(٢٤) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}: {دَعَاكُمْ} فعلُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو موحَّدٌ ولم يُثَنَّ مع سَبْقِ ذكرِ اللَّه ورسوله؛ لأن دعاء الرسول بأمرِ اللَّه، فهو دعاءُ اللَّه تعالى، ودل الموحَّد لذلك على المثنَّى.
{لِمَا يُحْيِيكُمْ}؛ أي: إلى ما (٣) يفيدُكم الحياةَ الأبدية، وهو دعاءٌ إلى الجهاد فإنه (٤) سببُ الشهادة، والشهداءُ أحياءٌ غيرُ أموات، واتصالها من هذا الوجه بما قبلها: لا تخرجوا إلى الجهاد (٥) كارهين، وأَجيبوا اللَّهَ ورسوله في الدعوة إلى قتال المشركين، فإنه حياةٌ لكم أبدَ الآبِدِين.
(١) "دون توفيق": من (أ) و (ف).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٤٠٩).
(٣) في (ف): "أي لما".
(٤) في (ف): "فهو".
(٥) في (أ): "للجهاد".