أي: لا يُخلي المؤمنَ التامَّ في الأفعال وقصدِ (١) المعصية بل يعصمه، والكافر على (٢) عكسه.
وقال مجاهد: يَحولُ بين المرء وعقله فلا يدري ما يعمل به (٣).
وقال القشيري رحمه اللَّه: أي: يصونُ القلوبَ عن تقليب أربابها بما شاء من أسبابها، فيصون قلوبَ العبَّاد عن الجُنوح إلى الكسل فيجدُّون في معاملتهم، ويَصون قلوب المريدين عن التعريج في أوطان الفشل فيَصْدُقون في منازلاتهم (٤)، ويصون قلوب العارفين على حدِّ الاستقامة عن الميل (٥) فيتحقَّقون بدوام مواصلتهم.
قال: ويقال: حال بينهم وبين قلوبهم لئلا يكون لهم رجوعٌ إلا إلى اللَّه، فإذا سنَح لهم أمر فليس لهم إلى الأغيار سبيل، ولا على قلوبهم تعويل، وكم فرق بين مَن يرجع عند سوانحه إلى قلبه وبين مَن لا يهتدي إلى شيء إلا إلى ربِّه، وقيل في معناه (٦):
لا يهتدي قلبي إلى غيركُمْ... لأنه سُدَّ عليه الطريق
قال: ويقال: العلماء هم الذين وجدوا قلوبهم؛ قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} ق: ٣٧، والعارفون هم الذين فَقدوا قلوبهم؛ قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (٧).
(١) في (ف): "بقصد".
(٢) في (ر) و (ف): "وعلى قياسه"، بدل: "والكافر على".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ١١١)، وذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٢/ ٣٠٨).
(٤) في (ف): "منازلتهم"، وفي (أ) و (ر): "منازلهم"، والمثبت من "اللطائف".
(٥) في (أ): "المثل".
(٦) في (أ): "وهو كما قيل".
(٧) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٦١٥ - ٦١٦).