أصلابهم، وليس يعذِّبهم اليوم وأنت فيما بينهم؛ إجلالًا لقَدْرك، وإكرامًا لمحلِّك، وإذا خرجت من بينهم فلا يعذِّبهم وفيهم خدَمُك الذين يستغفرون.
ويقال (١): للجوار حرمةٌ، فجار الكرام في ظلِّ إنعامهم، والكفارُ وإنْ لم يمتَّعوا بقرب الرسول، فقد اندفع (٢) العذاب عنهم بمجاورته فيهم (٣)، وفي معناه أنشدوا:
وأحبُّها وأحبُّ منزلَها الذي... نزلت به وأحبُّ أهل المنزلِ (٤)
* * *
(٣٦) - {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}.
وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}: نزلت الآية في إنفاق الكفار يومَ بدر.
وقال الكلبي رحمه اللَّه: إن الذين كفروا باللَّه ورسوله ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل اللَّه؛ أي: دينِ اللَّه لأنه طريقُ ثوابه والخلودِ في جنته لمن سلكه على ما أَمر به.
وقوله تعالى: {فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً}: أي: فسيقع إنفاقهم حسرة (٥)؛ أي: ندامةً وغيظًا.
وقوله تعالى: {ثُمَّ يُغْلَبُونَ}؛ أي: يوم بدر.
(١) في (ف): "ويقولون".
(٢) في (ف) و (أ): "اندفع".
(٣) "فيهم" ليس من (أ).
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٦٢١).
(٥) قوله: "أي: فسيقع إنفاقهم حسرة" ليس في (ف).