وقيل: يقولون لهم (١) في جهنم.
وقيل هو صيغةُ أمر في معنى الخبر؛ أي: ذاقوا ذلك؛ كما في قوله تعالى: {وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} سبأ: ١٨، أي (٢): كانوا يسيرون فيها كذلك.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: كان أحسنُ حالهم التي هم عليها هي حالة الصلاة، فإذا كانت صلاتهم مكاءً وتصديَةً فكيف سائر الأحوال (٣)؟!
ثم ذكرُ صلاتهم على هذا الوجه، وبيانُ ما قالوه على السفاهة: {لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا}، ودعاؤهم بإمطار الحجارةِ عليهم، وجعلُ ذلك كتابًا يتلى في الصلاة، له أوجهٌ (٤) ثلاثةٌ من الحكمة:
أحدها: تعليم الحِلم عن السفهاء.
والثاني: تعريف المعاملة مع السفهاء عند ارتكاب المناكير من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أنهم إذا تمادَوا في غيِّهم، واستقبلوه (٥) بالمكروه والأذى، أن لا يتركَ الأمر بالمعروف والنهيَ عن المنكر، ولا يُؤْيسَ من خيرهم؛ اقتداءً بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
والثالث: إعلامُ الخلْق أن حجة اللَّه تَلزمُ العبادَ وإن كانوا قد جهِلوها، إذا كان التضييع جاء من قبَلهم في ترك النظر والتفكُّر؛ إذ لو علموا حقيقةَ العلم أنه الحقُّ لم يكونوا ليَدْعوا على أنفسهم بالهلاك.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: وما كان اللَّه ليعذِّبَ أسلافهم وأنت في
(١) "لهم" من (ف).
(٢) في (ر): "قيل".
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ١٩٤).
(٤) في (ر): "وجوه".
(٥) في (ف): "غيهم واستقبلوا"، وفي (ر): "عتوهم واستقبلوا".