فرعون بموسى عليه السلام {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ} بأنبيائنا، وليس هذا بتكرارٍ، فإن الأولى في الكفر والمخالَفة والمؤاخَذةِ بالمعاقبة، وهذا في كفران النعمة والابتلاء بزوال النعمة.
وقوله تعالى: {كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ}: على العموم {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ} على الخصوص {وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ} قال اللَّه تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} العنكبوت: ٤٠.
* * *
(٥٥) - {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}.
وقوله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}: أي: شرَّ الخلائق الدابِّين على وجه الأرض هم أهل الكتاب الذين أَلِفوا الكفر، فهم لإلفهم ذلك لا يؤمنون بك.
قال مقاتل: هم يهود بني قريظة، وذلك أن اليهود لعنهم اللَّه نقضوا العهدَ الذي كان بينهم وبين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأعانوا مشركي مكة بالسلاح على قتال محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابِه، وقالوا: نسينا وأخطأنا، ثم عاهدهم الثانيةَ فنقضوا العهد، فذلك قوله تعالى:
* * *
(٥٦) - {الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ}.
{الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ} (١): {عَاهَدْتَ مِنْهُمْ}؛ أي: أخذتَ العهد منهم.
وقيل: أي: الذي عاهدتَهم منهم؛ أي: من الذين كفروا من أهل الكتاب.
قال الكلبي: نزلت في بني قريظة من اليهود؛ منهم كعب بن الأشرف وأصحابه
(١) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ١٢٠ - ١٢١).