وعلى هذا التخريج يكون هذا قولَه تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (١).
وقال مقاتل: نزلت في ثلاثة أحياء من العرب: خزاعة ومنهم هلال بن عويمر، وبنو مدلج منهم سراقة بن مالك بن جُعْشُم الكنانيُّ، وفي بني خزيمة بن عامر (٢)، وهما حيان من كنانة كان النبي عليه السلام عاهدهم عشر سنين بالحديبية، فجعل اللَّه عز وجل أجلَ الذين كانوا في العهد أربعةَ أشهر من يوم النحر إلى عشرٍ من شهر ربيعٍ الآخر (٣).
وقيل: ولمَّا ضربت لهم مدةٌ قالوا: نسيح في الأرض (٤) في المدة على أمان ثم نحتال فنمتنعُ. فنزل (٥) قوله تعالى:
{فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ}: أي: فائتي اللَّه؛ أي: لا تقدرون أن تفوتوا فتخرجوا عن قبضة قدرته تعالى.
وقوله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ}: أي: واعلموا أن اللَّه يخزيكم فيذلُّكم ويفضحُكم.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: وإن قطع عنهم الوصلة فقد ضرب لهم مدةً على وجه المهلة، على أنهم إن أقلعوا عن الضلال وجدوا في المآل ما فَقدوا من الوصال، وإن أبوا إلا التمادي في ترك الخدمة والحرمة انقطع ما بينه وبينهم من العصمة.
(١) بعدها في (أ): "واحدًا". وانظر ما سيأتي عند تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ}.
(٢) قوله: "وفي بني خزيمة بن عامر" من "تفسير مقاتل"، ووقعت العبارة في النسخ: "ومن بني خزيمة وعامر".
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ١٥٦).
(٤) "في الأرض" من (ف).
(٥) ما بين معكوفتين من "تفسير ابن كمال باشا" عند هذه الآية.