ثم ختم الآية بما معناه: إن أصرَرْتم على قبيح آثاركم مشيتُم إلى هلاككم بقدمكم، وسعَيتُم في عاجلكم في إراقة دمكم، وحصَلتُم في أجلكم على ندمكم، فما خسرتم إلا في صفقتكم، وما جرَّ حينكم (١) سواكم:
تبدَّلتْ وتبدَّلْنا وأَخْسَرُنا... مَن ابتغَى عوضًا يَسْلي فلم يجدْ (٢)
* * *
(٣) - {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.
وقوله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}: قال ابن زيد والزجاج: أي: إعلامٌ من اللَّه لكم يا معشرَ المسلمين (٣)، فليُؤْذِن به بعضُكم بعضًا فقد أمرتُ رسولي بإعلامكم.
{يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} هو {وَرَسُولُهُ}: ورفع {وَرَسُولُهُ} بإضمارِ هو، وقرأ عيسى بن عمر: (ورسولَه) نصبًا عطفًا على قوله: {أَنَّ اللَّهَ} (٤)، وقرأ الحسن: (ورسولِه) بالخفض على معنى القسَم (٥).
وقيل: إن أعرابيًّا سمع رجلًا يقرأ بالخفض فقال: إن كان اللَّه بريئًا من رسوله فأنا
(١) في (أ): "حن حينكم"، وفي (ف): "جر حينكم".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٦). والبيت لأبي الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المعروف بالببغاء. انظر: "تاريخ دمشق" (٣٧/ ٢٨٨).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٣٢١) عن ابن زيد، وانظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٤٢٩).
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" (٥/ ١١)، و"المحرر الوجيز" (٣/ ٧)، و"زاد المسير" (٣/ ٣٩٧).
(٥) انظر: "تفسير الثعلبي" (٥/ ١١). قال السمين في "الدر المصون" (٦/ ٩): هذه القراءة يبعد صحتها عن الحسن للإبهام.