بريءٌ منه أيضًا، فأخذ الرجل بتلبيبه وجاء به إلى عمر رضي اللَّه عنه، فقصَّ الأعرابي قراءته، فعند ذلك أمر عمر بتعليم العربية (١).
يقول: أَعْلِموا هذا، فقد أَعْلمت المشركين ذلك بقولي: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: وإعلامٌ لأهل العهد من اللَّه ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن اللَّه بريءٌ ممن يَعْدِل به غيرَه ورسولُه أيضًا بريءٌ منه (٢).
وقال القشيري رحمه اللَّه: بَرِح الخفاءُ (٣) فليس لهم ولاء، إذ لم يكن منهم بما عقدوا وفاء، فليَعْلم (٤) الكافةُ أنهم أعداء:
أشاعوا لنا في الحي أشنعَ قصةٍ... وكانوا لنا سلمًا فصاروا لنا حربًا (٥)
وقوله تعالى: {فَإِنْ تُبْتُمْ}: أي: رجعتُم يا أهل مكة من الكفر {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} في الدنيا والآخرة، تنجُون به من السيف في الدنيا ومن العذاب في العُقبى.
وقوله تعالى: {وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ}: أي: أبيتُم لا عبادةَ الأوثان، وأعرضتُم عن الإيمان، ودمتُم على هذا التولِّي والخذلان (٦) {فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ}: أي: غيرُ فائتِيه.
وقوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}: أي: أَعْلِمهم بذلك، فكان بشارةً للمؤمنين والمطيعين بالثواب، والكافرين بالعذاب (٧).
(١) انظر: "تفسير الثعلبي" (٥/ ١١).
(٢) "منه" ليست في (أ) و (ف).
(٣) أي: وضح الأمر وزالت خفيته. انظر: "أساس البلاغة" (مادة: برح).
(٤) في (أ) و (ر): "فأَعْلَم"، والمثبت من (ف) و"اللطائف".
(٥) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٧)، وما بين معكوفتين منه.
(٦) "والخذلان" ليست في (أ) و (ف).
(٧) "والكافرين بالعذاب" ليس في (أ) و (ف).