وقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}: أي: في الحلِّ والحرم.
وقوله تعالى: {وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ}: أي: ضيِّقوا عليهم المسالك، ولا تَدَعوهم يضربون في البلاد بالتجارة وغيرها.
وقوله تعالى: {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ}: أي: على كلِّ مرصدٍ، وفي كلِّ مرصدٍ؛ أي: مَرْقَبٍ، والمرصد: الطريق الذي يُرقب فيه العدوُّ؛ أي: في كلِّ طريق يُظنُّ مرورُهم فيه ليأخذوهم.
و {كُلَّ مَرْصَدٍ} على هذا منصوبٌ بنزع الخافض.
وقيل: هو نصبٌ على الظرف؛ لأنَّه مكان القعود.
وهذا كلُّه تبعيدٌ (١) لهم عن مكة، ومنعٌ لهم عن دخولها والاجتماعِ مع المسلمين في الحج، وهو تحقيقٌ لِمَا نودي فيهم: لا يحجُّ بعد العام مشركٌ.
وقوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا}: أي: رجعوا عن الكفر (٢) {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ}؛ أي: التزَموهما {فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}؛ أي: لا تقتلوهم ولا تأسروهم ولا تضيِّقوا عليهم.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: غفر لهم كفرَهم ومعاصيَهم بالإيمان به، ويرحمهم فلا يعذِّبهم.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: إذا أسلم الكافر بعد شركه، ولم يقصِّر فيما (٣) وجب عليه من قِسْمي فعله وتركه، حصل الإذن في تخليةِ سبيله وفكِّه، قال الشاعر:
(١) في (ف) و (أ): "بتبعيد".
(٢) في (ف): "أي عن الكفر"، وليست في (أ).
(٣) في (ف): "ولم يعص فيما"، وفي (ر): "ولم ينقض مما".