إنْ وجَدْنا لِمَا ادَّعيتَ شهودا... (١) لم تَجِدْ عندنا لحقٍّ جُحودا (٢)
ولمَّا قرأ عليٌّ رضي اللَّه عنه هذه الآيات قام رجل فقال: أرأيتَ لو جاء رجلٌ مستأمنٌ ليستمع (٣) القرآن، أتقتلونه؟ قال: لو صبرتَ لبيَّنْتُ لك حكمَه فيما أنزل اللَّه تعالى فإنه مذكور فيما أقرأ، وهو قوله تعالى:
* * *
(٦) - {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ}.
{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}: تقديره: وإن استجارك أحدٌ من المشركين حتى يسمعَ كلام اللَّه {فَأَجِرْهُ}؛ أي: إن جاءك أحد من المشركين الذين لا عهد لهم يسألُك أن تُؤمِّنه وتكونَ جارًا له من وثوبِ المؤمنين عليه حتى يسمع كلام اللَّه ويتأمَّلَه، فأَجِبْه إلى ذلك وأَجِره، وإن جاء وسمع وتدبَّر ولم يؤمِن فلا تقتلْه فقد أمَّنْته، ولكنْ أَوْصِله إلى حيث يأمَنُ على نفسه، وهو قوله تعالى:
{ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ}: أي: الكفارُ جاهلون مقلِّدون جارُون على الإلْف، فإذا الْتَمَس سماعَ كلام اللَّه فأَجِبْه فقد يكون مسترشِدًا، فإذا سمع وتأمَّلَ زالت عنه الشبهةُ فأسلمَ، فإنْ لم يفعل ورجع إلى موضعه فلكُم بعد ذلك إذا (٤) وجدتُموهم قَتْلَهم وأخذَهم لأنكم قد أَعْذَرتُم إليهم.
وقال عطاء: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} يعني: ما أَعَدَّ اللَّه تعالى لأوليائه من الثواب ولأعدائه
(١) في (ر): "الشهودا".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٨).
(٣) في (أ): "يستأمن يستمع"، وفي (ف): "يستأمن ليسمع".
(٤) في (ف): "إن".