الكفار، قال جل جلاله: {لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} النساء: ١٤٤، وقال تعالى: {لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} آل عمران: ١١٨ وقال: {لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} الممتحنة: ١٣.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}: من الموافَقة والمخالَفة، وهو وعد ووعيد.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: مَن ظنَّ أنه يكتفَى منه بالدعوى دون تحقيقِ المعنى فهو على غَلَطٍ من حسبانه، وفي غَلَبٍ من حسابه، بل المطلوبُ صدقُ المجاهدة في اللَّه، وتركُ الركون إلى غير اللَّه، وإذا اتَّخذ وليجة من الكفار فشا في الأعداء الأسرار، وأولى مَن يهجره المرءُ لئلا تطَّلع على الأسرار نفسُه التي هي أعدَى عدوِّه.
حُكي عن أبي يزيد رحمه اللَّه أنه قال في بعض أوقات مكاشفاته: كيف أطلبك؟ فقيل له: فارق نفسك وتعال.
والحرية عزيزةٌ، قال قائلهم:
أتمنَّى على الزمان مُحالا... أن ترَى مقلتايَ طلعةَ حرٍّ (١)
* * *
(١٧) - {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ}.
وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ}: واتِّصالها بما قبلها: أن اللَّه عزَّ وعلا حرَّض على قتال المشركين من وجوهٍ، وهذا وجهٌ آخرُ من ذلك،
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ١٣).