اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
وقوله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ}: (إلا) كلمتان كما مر؛ أي: إنْ لم تنصروا محمدًا في هذه الحالةِ فما هو ممن يُضيَّع، فقد نصره اللَّه أضعفَ ما كان فلن لِخذله الآن.
وقوله تعالى: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}: أي: حين مكرِ قريشٍ فاضطُرَّ إلى أن خرج ليلًا مستخفيًا إلى المدينة مهاجرًا خائفًا مشفِقًا من لحوق الطلب، لا أنيسَ معه ولا أليف إلا رجلٌ واحد وهو أبو بكر الصدِّيق رضي اللَّه عنه.
ثم قال هنا: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}، وقال في آية أخرى: {وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ} التوبة: ١٣، وقال في آية أخرى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ} الأنفال: ٥.
والتوفيق: أنهم همُّوا بإخراجه (١) بأنفسهم، فاضطُر فخرج بسبب همِّهم، واللَّه أَذِن له في الخروج وقدَّر ذلك عليه.
وقوله تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ}: نصبٌ على الحال، وهو حالٌ من النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، و {اثْنَيْنِ} خفضٌ بالإضافة، وهو محمد المصطفى وأبو بكر الصدِّيقُ رضي اللَّه عنه؛ أي: هو أحدُ اثنين ليس معهما ثالثٌ.
وقوله تعالى: {إِذْ هُمَا فِي الْغَار}: وهو الثَّقْبُ (٢) العظيم في الجبل، وهو في جبلٍ بمكة (٣) يقال له: ثور، قاله قتادة (٤).
(١) في (ف) و (أ): "أن يخرجوه".
(٢) في (ف): "النقب".
(٣) في (أ): "وهو جبل مكة".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٤٦٥).