حدِّ عَلِم؛ أي: ثَقُل، وثبَّطه غيرُه تثبيطًا، وفيه دلالةُ خلق اللَّه تعالى أفعالَ البشر.
وقوله تعالى: {وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ}: أي: العجزةِ المتخلِّفين من الزَّمْنَى والنساء (١) والصبيان والمجانين، وهذا الأمر يحتمِل أن يكون من النبيِّ عليه السلام حيث استأذنوه فأَذن لهم ظنًّا أن لهم عذرًا، وهو ما قال في هذه السورة: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} إلى قوله: {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ}؛ أي: هو من اللَّه تعالى لهم على (٢) التهديد والتوعيد؛ كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} فصلت: ٤٠.
أو الشيطان وسوس لهم وزيَّن في قلوبهم ذلك ودعاهم إليه.
أو قال بعضهم ذلك لبعض.
أو معناه: أقعَدْناهم، وهو إخبار بلفظة الأمر، كما في قوله تعالى: {وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ} الإسراء: ١٠٤.
وقال القشيري رحمه اللَّه: إن اللَّه سبحانه بأمر التكليف دعاهم، ثم بأمر التكوين ثبطهم وأقصاهم (٣).
* * *
(٤٧) - {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}.
وقوله تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا}: أي: فسادًا، وليس معناه أنهم كانوا في فساد والمنافقون زادوا في فسادهم، لكن معناه: لو خرجوا فيكم ما
(١) "والنساء" من (ف).
(٢) في (ر): "من"، وفي (ف): "في".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٢).