مَن ذا يؤاخذُ من يحبُّ بذَنْبه... وله شفيعٌ في الفؤاد مشفَّعُ (١)
* * *
(٤٦) - {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِين}.
قوله تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ}: أي: معكم للغزو {لَأَعَدُّوا لَهُ}؛ أي: لهيَّؤوا للخروج {عُدَّةً}؛ أي: أُهبةً، قرأ عبد اللَّه بن شداد: (عِدَّةً) بكسر العين (٢)؛ أي: جماعةً من الآلات والقوة قبل وقت الخروج كإعداد المسلمين ذلك.
قال القشيري رحمه اللَّه: تعالى لو صدقوا في الطاعة لاستجابوا ببذل الوسع والطاقة، ولكن سَقمت إرادتُهم فحصلت دون الخروج بلادَتُهم، ولذلك قيل:
لو صحَّ منك الهوى (٣) ... أُرْشِدْتَ في الحِيَلِ (٤)
وقوله تعالى: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ}؛ أي: لم يرضَ اللَّه تعالى بخروجهم وانبعاثهم (٥)، وهو الانطلاق بسرعة، يقال: بعَثْتُه فانْبَعَث.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: والوجه الذي لم يرضَ به هو ما ذكره بعده: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} الآية (٦).
وقوله تعالى: {فَثَبَّطَهُمْ}: أي: ثقَّلهم عن الخروج وحبَسهم، وقد ثَبِط من
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣١).
(٢) انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٥٣).
(٣) في (ف): "الهدى".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣١).
(٥) "أي: لم يرض اللَّه تعالى بخروجهم وانبعاثهم" من (ر).
(٦) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٣٨٠).