وقال الحسن: {فَتَرَبَّصُوا} مواعيد الشيطان، فإنه كان يمنِّيهم موتَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ قال: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} الطور: ٣٠ {إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ} مواعيدَ اللَّه من إظهار دينه واستئصال مَن خالفه (١).
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: إن ظفرنا بكم فنصرٌ وغنيمة، وإعزازٌ للدِّين ورفعة، وإن قُتلنا فشهادةٌ ورحمة، ورضوانٌ من اللَّه وزلفة، وإن أصابتنا هزيمةٌ ونكبة، فذلك سبب لنيل الأجر والمثوبة، فإذًا لا يستقبلنا إلا ما هو حسن ونعمة (٢)، وأما أنتم فإنْ ظفرنا بكم فتعجيلُ ذلٍّ لكم ومحنة (٣)، وإن قُتلتم فعقوبةٌ من اللَّه وسَخطة، وإن كانت لكم اليدُ في الحال فخذلانٌ من اللَّه وتخلية، وسببُ زيادة عذابٍ ونقمة (٤).
* * *
(٥٣) - {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ}.
وقوله تعالى: {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ}: {أَنْفِقُوا} أمرٌ صيغةً ومعناه الشرط؛ كقول الشاعر:
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة... لدينا ولا مَقْليَّة إنْ تَقَلَّتِ (٥)
كأنه قال: إن أسأتِ أو أحسنتِ لا (٦) تلامي، فكذا هذا: إن أنفقتُم طوعًا بالاختيار
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٥٣)، والواحدي في "البسيط" (١٠/ ٤٨٥).
(٢) في (ر): "إلا ما هو حسنى".
(٣) في (ر) و (ف): "فتعجيل ذلك لكم"، وفي "اللطائف": (فتعجيل لذلِّكم ومحنة).
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٤).
(٥) البيت لكنَير عزة، وهو في "ديوانه" (ص: ٨٠)، و"معاني القرآن" للفراء (١/ ٤٤١)، و"الشعر والشعراء" (١/ ٥٠٦).
(٦) في (أ): "لن".