سمعه، ومَن حدَّثه بشيء صدَّقه، والأُذن التي هي جارحة السماع كذلك، وكان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يستمع إلى كلام كلِّ مَن حدَّثه بشيء؛ لكرمه وشرفه ومجده وحُسن خلقه.
وقيل: أرادوا به أنه يقبل كلَّ عذرٍ صدقًا كان أو كذبًا، وكان النبيُّ عليه السلام كذلك لكرمه وحُسن خلقه، فظن أولئك أنه إنما يقبله ويعاملُهم به لسلامة قلبه وصغر همته وقصور يده (١).
وقوله تعالى: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ}: أي: أنا أذن خير لكم (٢)، وهو إضافةُ الشيء إلى صفته كقوله: هو رجلُ خيرٍ؛ أي: قل يا محمد: إن الذي يقبل العذر خيرٌ ممن لا يقبله، فكيف تؤذونه وتعيبونه؟!
وقيل: إنه يسمع الخير ويَقبله دون الشر.
وقوله تعالى: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ}: أي: يصدِّقه {وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ}؛ أي: ويصدِّق المؤمنين (٣) بما شهدوا به عنده، فلا يَقبل (٤) إلا ما ثبتَ صدقُه بإخبار اللَّه عز وجل عنهم فيما قالوا وليس عندهم أحد من المسلمين، أو بشهادة المؤمنين إذا قالوا ذلك بحضرتهم.
ولفظة الإيمان تعدَّى بالباء واللام، قال تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} يوسف: ١٧ {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} العنكبوت: ٢٦.
وقيل: كانوا يذكرون أشياء لو بلغه ذلك آذاه، فإذا قيل لهم: لا تفعلوا فإنه
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٤١). وجاء في (ف): "ويعاملهم به ليس لسلامة قلبه بل لصغر همته. . "، والمثبت من باقي النسخ و"التأويلات".
(٢) "أي: أنا أذن خير لكم" من (أ).
(٣) في (ف): " {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ}؛ أي: يصدق اللَّه ويصدق المؤمنين".
(٤) بعدها في (ر): "عنده".