(٦٩) - {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.
وقوله تعالى: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}: خطابٌ للمنافقين، وفي أوله مضمَرٌ، وتقديره: وأنتم في معاملتكم كالذين من قبلكم.
وقيل: أي فِعْلي بكم في الدنيا والآخرةِ كفِعْلي بالذين مِن قبلكم.
وقوله تعالى: {كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً}: قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أي: منعةً وبطشًا (١).
وقوله تعالى: {وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا}: يتكثَّرون بالأولاد ويعتضِدون (٢) بالأموال، فلم يعتصِموا بقوة أنفسهم ومعونةِ أولادهم وأنصارهم وكثرةِ أموالهم حين كذبوا رسلي واستحقُّوا إنزال بأسي.
وقوله تعالى: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ}: أي: صَرَفوا إلى التمتُّع الحاليِّ نصيبَهم من الدنيا ولم يقدِّموا إلى الآخرة.
{فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ}: فعلتُم أنتم في الدنيا فِعلَهم.
وقوله تعالى: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا}: أي: في آيات اللَّه بالباطل، فإذا كنتم في سوء المعاملة مثلَهم، وفي القوة والمنعة دونهم، فما يؤمِّنكم أن يصيبَكم من العقوبة مثلُ (٣) ما أصابهم.
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٦٦) دون عزو.
(٢) في (أ): "ويتعصون".
(٣) "مثل" ليست في (أ) و (ف).