وقومِ إبراهيم بالتشتيت وسلب الملك والنعمة؛ أي: من نمرود، وأصحابِ مدين بعذابِ يوم الظلة، وقومِ لوط بانقلاب الأرض، وكلُّ ذلك كان عدلًا من اللَّه تعالى وحكمةً وعقابًا لمن ظلم نفسه وعصى ربَّه وكذَّب رسلَه واستحقَّ عقابه، فليحذر المنافقون أن يُفعل بهم ما فُعل بأولئك.
وقوله تعالى: {أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}: يرجعُ هذا إلى كلِّ هذه الأمم، وإنْ صُرف إلى ما يليه وهي المؤتفكات -ورسولُ أهلها واحد وهو لوط عليه السلام- فقد قيل: كان في كلِّ قرية رسولٌ من جهة لوط، فلذلك جُمع.
وقوله تعالى: {فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُم}: أي: ليس من صفة اللَّه تعالى ظلمُ العباد بتعذيبهم من غير ذنبٍ.
وقوله تعالى: {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}: بإيقاعها فيما يوجب العقوبة.
* * *
(٧١) - {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
وقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}: ذكر بمقابلةِ المنافقين والمنافقات: المخلِصين والمخلصات، وتغاير صفات الفريقين، فالمخلصون ذكورهم وإناثهم يتوالون على الدين ويتناصرون ويتعاونون حتى إن الرجل ليخرج إلى الجهاد وامرأته تهيئ أسبابه وتخرج النساء مع الرجال أيضًا فيداوين الجرحى ويعالجن المرضى ويصلحن الطعام ويحملن الماء وكذا كل الخيرات في الدين.
وقوله تعالى: {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر}: وقد فسَّرناهما في تلك الآية، وهو خلاف صفات المنافقين.