وقوله تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}: أي: أعظمُ من هذه النعم قَدْرًا وأشرفُ منها ذكرًا رضوانُ اللَّه تعالى عن هؤلاء، ومن رضوانه قبولُ أعمالهم اليسيرةِ، وتيسيرُ الحساب عليهم، وإثابتُهم على الأعمال المنقطِعة نعمًا لا تَنقطع وكلَّ كرامةٍ في الدنيا والآخرة.
وقوله تعالى: {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}: أي: الرضوان الذي نالوه هو الفوز العظيم الذي لا أعظم منه؛ لأنَّه دركُ كلِّ مطلوب، ووصولٌ إلى كلِّ مأمول، وأمانٌ من كلِّ محذور.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه تعالى: المساكنُ لا تطيب للساكن إلا برؤية المحبوب، إلا أنه قد تختلف بهم الهمَم: قومٌ تَطيبُ مساكنهم بوجود عطائه (١)، وقومٌ تَطيب أنفسهم بشهود لقائه، قال قائلهم:
وإنِّي لأهوَى الدارَ ما يستقرُّ بي... لها الودُّ إلا أنها مِن دياركا
وقال آخر:
أجيرانَنا ما أوحشَ الدار بعدَكمْ... إذا غِبْتُمُ عنا ونحن حُضورُ (٢)
* * *
(٧٣) - {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}: لمَّا وصف اللَّه المنافقين
= (٦/ ١٨٤٠)، وابن الجوزي في "الموضوعات" (٢/ ٤٢٤)، وقال: موضوع.
(١) في (ر) و (ف): "خطابه"، والمثبت من (أ) و"اللطائف".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٤٥ - ٤٦).