والكفار، وكشف له أحوال المتستِّرين منهم بالإظهار، أمَره بجهادهم الذي هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو من صفات المؤمنين، وخلافُ ذلك من صفات المنافقين.
وقال عطاء: نسخت هذه الآيةُ كلَّ شيء من الصَّفح والعفو (١).
وقوله تعالى: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ}؛ أي: بالسلاح في وقته وباللسان في وقته.
{وَالْمُنَافِقِينَ} قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: باللسان (٢).
وقال الحسن وقتادة: بإقامة الحدود (٣).
وقيل: بالسيف بعدما ظهرت أحوالهم، قال تعالى {أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}.
وقوله تعالى: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}: أي: ولا تداهِنْهم وآيِسْهم من نفسك، وقرِّرْ عندهم أنه لا موادَّة بينك وبينهم، وإنما هو الإسلام أو السيف.
وقوله تعالى: {وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} غلبوا في الجهاد أو غلبوا {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} جهنم.
وقال القشيريُّ رحمه اللَّه: المجاهدةُ أولُها باللسان، بشرحِ البرهان وإيضاحِ الحجج والبيان، ثم إنْ حصل من العدوِّ جحدٌ بعد إزاحة العذر فالوعيدُ والزجر بالإعلان، فإن لم يَنجَعِ الكلام ولم يَنفعِ المَلام فالقتالُ والحِراب بالسَّيف والسِّنان (٤).
(١) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" (١٣/ ٤٧٨)، والواحدي في "البسيط" (١٠/ ٥٥٣)، والبغوي في "تفسيره" (٤/ ٧٤).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٥٦٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٨٤٢).
(٣) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (١١/ ٥٦٧)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٨٤١).
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٤٦).