(٧٨) - {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}.
{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} (١): استفهامٌ بمعنى التوبيخ؛ أي: يعلم ما أَسرُّوه في أنفسهم يومَ عاهدوه وما يتناجَونه فيما بينهم مما لا يَشْرَكُهم في العلم به غيرُهم من الطعن على شرائع الإسلام من الصدقات ووجوهِ الطاعات، وهو علَّامُ الغيوب لا يخفى عليه من الغائبات شيءٌ.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أي: من الغائبات عن الخَلق، ولا يَغيب عن اللَّه تعالى شيء (٢).
* * *
(٧٩) - {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ}: أي: هم الذين يَعيبون المتطوِّعين، أُدغمت التاء في الطاء وشدِّدت، وقوله {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}؛ أي: من المخلِصين في الصدقات الزائدة على الزكَوات اللازمة، فيقولون: يراؤون بما يفعلون.
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ}: أي: ويَعيبون الفقراء الذين يأتُون بما لا يَفي حالهم بأكثرَ منه، والجُهْد بالضم: الطاقة، والجَهْد بالفتح: المشقَّة (٣).
(١) لم أجده عند الطبري، وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٧٣)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٣/ ٤٧٥).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٤٣٤).
(٣) ويجوز في معنى الطاقة فتح الجيم أيضًا. انظر: "مختار الصحاح" (مادة: جهد).