وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: ولا تحسبنَّ أن تمكين أهل النفاق من تنفيذِ مرادهم وتكثيرِ أموالهم وأولادهم إسداءُ معروف منا إليهم، وإسباغُ إنعامٍ من لدُنَّا عليهم، إنما ذلك مكرٌ بهم واستدراجٌ لهم، وإمهالٌ لا إهمال، وسيلقون (١) غبَّه عن قريب (٢).
* * *
(٨٦) - {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ}.
قوله تعالى {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ}: هو الأمر بابتداء الإيمان في حقِّ الكافرين، وبالدوام على الإيمان في حقِّ المؤمنين، وأمرٌ بالإخلاص في حق المنافقين.
قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ}: أي: جاهدوا الكفار مبايِعينَ (٣) لرسوله.
قوله تعالى: {اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ}: قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما ومقاتل والحسن: أي: أولو الغنى (٤).
وقال ابن كيسان: وهو الكثيرُ المنظور إليهم (٥).
وقيل: الطَّول: العُدَّة التي يُتمكَّن بها من مطاولة الأعداء.
قوله تعالى: {وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ}: أي: دعنا (٦) نقعدْ مع المتخلِّفين.
(١) في (ر): "وسيقولون"، وفي (ف): "وسيطوقون"، والمثبت من "اللطائف"، ولعل ما في (أ) محرف عنه.
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٥١).
(٣) في (ف): "متابعين".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٦١٦) عن ابن عباس، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٨٥٨)، وذكره الواحدي في "البسيط" (١٠/ ٥٨٥) عنه وعن الحسن. وانظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ١٨٨).
(٥) ذكره الواحدي في "البسيط" (١٠/ ٥٨٥) بلفظ: (الكبراء المنظور. .).
(٦) في (أ): "ذرنا".