(٨٧) - {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ}.
قوله تعالى: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ}: أي: النساءِ المتخلِّفات، والفواعل (١) جمع الإناث.
وقيل: معناه: مع الخِسَاس، من قولهم: فلانٌ خالفةُ أهله، إذا كان دونهم في أسباب الفضل، وهذا تعييرٌ لهم وذمٌّ.
قوله تعالى: {وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}: أي: خُتم عليها فخُذلوا لاختيارهم الكفر والنفاق.
قوله تعالى: {فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ}: قيل: لا يعلمون.
قال الضحاك: أي: لا يقبلون أمر اللَّه (٢)، وهذا كقوله: {مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ} هود: ٩١؛ أي: لا نقبل.
قال الإمام أبو منصور: الفقه: معرفةُ الشيء بمعناه الدالِّ على نظيرِه، ومنَعَهم الطبعُ أن يعرفوا الأشياء (٣) بمعانيها ونظائرها للحجاب الذي وقع، فإن الإيمان نورٌ تبصَر به عواقبُ الأمور، وتُرفع السُّتور عن القلوب، والكفرُ ظلمةٌ تَستر ذلك (٤).
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: تعلَّل أولو السَّعة وركَنوا إلى اختيار الدَّعة، وقعدوا عن بساط العبادة، ورضُوا بالتعريج في ميدان التفرقة، ولو أنهم رجعوا إلى اللَّه بصدق النَّدم لقابلهم بالفضل والكرم، ولكن القضاء غالبٌ والتكلُّفَ ساقط (٥).
* * *
(١) في (ف): "والقواعد".
(٢) ذكره الواحدي في "البسيط" (١٠/ ٥٨٦) وتحرف فيه "يقبلون" إلى: (يعلمون).
(٣) في (أ): "الأسباب"، والمثبت من (ف) و"التأويلات".
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٤٤٣).
(٥) في (ف): "والتكليف ساقط" والمثبت من (أ) و"اللطائف". انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٥٢).