قوله: {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ}: أي: لم يثبِّطوا غيرَهم من الموسِرين والأصحَّاءِ عن الخروج، ولم يوهِموهم أن قعودهم كان لجواز التخلُّف لكلِّ مَن أراده، بل بيَّنوا سبب تخلُّفهم، وحرضوا القادرين عليهم (١)، وقاموا بأسبابهم عند خروجهم وأسبابِ مَن خلَّفوهم بالمعونة.
قوله تعالى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}: وهم هؤلاء {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: يغفر لهم تخلُّفهم، ويرحمُهم بإزالة الحرج عنهم.
* * *
(٩٢) - {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ}.
قوله تعالى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ}: أي: ولا حرجَ أيضًا على الأصحاء (٢) الذين لا يستطيعون المشي ويحتاجون إلى المركب، وجاؤوك يا محمد وسألوك أن تعطيَهم مراكب تحملُهم عليها، وقد حمل الأمير فلانًا؛ أي: أعطاه مركبًا.
قوله تعالى: {قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ}: أي: قد فرَّقت ما كان عندي على الناس فلم يبقَ شيء أهيِّئُ به مراكبكم.
قوله تعالى: {تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ}: أي: انصرفوا من عندك وهم يبكون تأسُّفًا على فَوتِ صحبتك وتخلُّفِهم عنك، وهذه أمارةُ إخلاصهم وقعودهم بالعُذر، وشدةِ شوقهم إلى لقاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وتحسُّرِهم على فَوت ثواب الجهاد.
(١) في النسخ: "عليهم" والصواب المثبت. انظر: "تفسير ابن كمال باشا" عند هذه الآية.
(٢) في (أ): "المرضى". والمثبت من (ف)، وهو الموافق لما في "تفسير ابن كمال باشا" عند هذه الآية.