وقيل: لمَّا دعاهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى هذه الغزوة قالوا: نستعدُّ (١) ونلحقُ بك، فلم يفعلوا فذلك كَذِبُهم.
قوله تعالى: {سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}: في الدنيا والآخرة بكفرهم وكذبهم، ولم يقل: سيصيبهم، ليدلَّ على أن من أهل النفاق مَن قد آمن، وأن مَن تاب يُقبل ذلك منه (٢) فيكون قوله: {الَّذِينَ كَفَرُوا} الآيةَ لمن مات منهم على الكفر ولم يخلص، دون مَن تاب وأخلص.
وقوم آخرون (٣) من ضعفاء المسلمين لم يكن لهم عُدَّةٌ فجاؤوا واستعانوا، فذلك قوله تعالى:
* * *
(٩١) - {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ}:
فالضعفاء: هم الذين لا قوةَ لهم بسبب كبرِ سنٍّ أو زَمانةٍ أو عَرَجٍ أو عمًى.
والمرضى: الذين بهم علةٌ يرجى زوالها إلا أنه في الحال لا طاقةَ بهم.
والذين لا يجدون ما ينفقون: هم الفقراء.
فهؤلاء لا حرج عليهم؛ أي: لم يضيِّق اللَّه تعالى عليهم بالقعود بل وسَّعه عليهم.
(١) في (ف): "سنستعد".
(٢) ما بين معكوفتين من "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٤٤٥)، والكلام فيه بنحوه، وما جاء بعده بين معكوفتين زدناه ليستقيم السياق.
(٣) في (ف): "وهم قوم" بدل: "وقوم آخرون"، والمثبت من (أ)، وهو الموافق لما في "تفسير ابن كمال باشا" عند هذه الآية.