عنه فنزلت الآية، وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حين قدم المدينة "لا تجالسوهم ولا تكلِّموهم" (١).
* * *
(٩٧) - {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.
وقوله تعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}: يتصل بما سبق: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ} التوبة: ٩٠.
أي: سكان البوادي إذا كانوا كفارًا أو منافقين فهم أشدُّ كفرًا ونفاقًا؛ لبعدهم عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وغيبتهم عن مجالسته، وقلةِ ما يَرِدُ عليهم من مواعظ القرآن، فهم بذلك أحرى أن يَجهلوا حدود العبادات والشرائع المنزلة من اللَّه على رسوله.
وقيل: الحدود: الأوامر والنواهي؛ قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} البقرة: ٢٢٩، {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} البقرة: ١٨٧.
وهو {عَلِيمٌ} بسرائر المؤمنين والكفارِ والمنافقين {حَكِيمٌ} في تعريف أوليائه ذلك ليميِّزوا بين الأولياء والأعداء، وحكيم أيضًا في كلِّ ما يأمر به في حقِّ كلِّ طبقة.
قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: نزلت في أعاريبِ أسدٍ وغطفانَ ومَن حوالي المدينة منهم (٢).
{وَأَجْدَرُ}؛ أي: أحرى {أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} من فرائضه في كتابه.
(١) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ١٩١). وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تجالسوهم ولا تكلموهم" رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٨٦٥) عن السدي مرسلًا.
(٢) ذكره الواحدي في "البسيط" (١١/ ١٠). ورواه أبو الشيخ كما في "الدر المنثور" (٤/ ٢٦٦) عن الكلبي، فلعله مما روي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.