تعالى عليهم جاؤوا بأموالهم إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليتصدَّق بها كفارةً لذنوبهم وشكرًا لِمَا أنعم اللَّه عليهم من قبول التوبة فقال عليه السلام: "لم أؤمر فيها بأمر" فنزلت الآية.
و {مِنْ} للتبعيض، وقد روَينا أنه أخذ الثلث.
وقوله تعالى: {وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}: التاء لخطاب النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ أي: تطهِّر نفوسهم من الذنوب بها.
قوله تعالى: {وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}: أي: يحصُل لهم الثناء الحسن والرفعة بها، والإضافة إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بطريق التسبيب.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أي: {تُطَهِّرُهُمْ} من الآثام {وَتُزَكِّيهِمْ} من البخل والمنع وأخلاق اللئام (١).
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: أي: {تُطَهِّرُهُمْ} من طلب الأعواض عليها {وَتُزَكِّيهِمْ} من ملاحظتهم إياها.
{تُطَهِّرُهُمْ} عن شحِّ نفوسهم {وَتُزَكِّيهِمْ} بأن لا يتكثَّروا (٢) بأموالهم، بل يتعزَّزون بالتجرُّد عنها، ويرون عظيمَ منَّة اللَّه عليهم بوجدان التجرُّد منها (٣).
ثم اختُلف أن هذه الصدقة ما هي:
قيل: صدقةُ نفلٍ، والكلام مبتدأٌ غيرُ مرتبطٍ بشيء.
وقيل: هي صدقةٌ حثَّ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عليها يوم الخروج إلى تبوك، وهي ما قلنا في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} التوبة: ٧٩ فيرتبِط هذا بذلك، والآياتُ نزلت في هذه القصة.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٤٦٦).
(٢) في (ف) و (أ): "يتكبروا". وفي "اللطائف": (يتكاثروا).
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٦٠).