وقيل: هي صدقةُ أبي لبابةَ والمتخلِّفين، والآية تتصل بالآية التي قبلها.
وقيل: هي الزكاةُ، ويدل عليه ما روَينا في قصة ثعلبة في قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} وأن هذه الآيات لمَّا نزلت بعث النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- المصدِّقَينِ إلى ثعلبة وغيره.
وقوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}: أي: ادعُ لهم واستغفِرْ.
وقوله تعالى: {إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}: قرأ عاصم في رواية حفصٍ والمفضلِ وحمزةُ والكسائيُّ وخلفٌ على التوحيد، والباقون: {صَلَاتَكَ} على الجمع (١).
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}: أي: {سَمِيعٌ} دعاءَك {عَلِيمٌ} شفقتَك.
وقيل: {سَمِيعٌ} لما أظهَروه لك من التوبة {عَلِيمٌ} بصدق نيَّاتهم فيه.
ومعنى السكن: طمأنينةُ القلب.
وقيل: كان إذا أتى رجل بصدقته وهو مؤمنٌ مخلصٌ دعا له، وإذا أتى بها منافق لم يَدْعُ له، وكان إذا دعا لمن أتى بالصدقة سكَن قلبُه إلى أنه مخلِصٌ.
وقيل: لأن (٢) المؤمن يسكُن قلبه بدعاء النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولعلمه أنه يستجاب له فيه.
* * *
(١٠٤) - {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}.
وقوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا}: يجوز أن يكون هذا الاستفهامُ بمعنى الإثبات، ويجوز أن يكون بمعنى الأمر كما في قوله: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا}.
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٣١٧)، و"التيسير" (ص: ١١٩).
(٢) في (أ): "إن".