ثم أورد سؤالًا على قوله: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ} إلى قوله: {إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ} الممتحنة: ٤: لمَّا استثنَى هذا من الاقتداء به عُلم أنه لا يجوز، وسؤالُ الهداية للكافر والمغفرةِ جائز بعد هذا، فما معناه؟
وأجاب أن معناه: حتى يُعلم (١) المراد من استغفاره؛ أي: إذا وقع عند السامع أنه سؤال المغفرة مطلقًا لا على الوجه الذي قلنا فما ينبغي له أن يفعله مقتديًا به في ظاهر الاستغفار (٢).
وقوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}: (الأواه) في اللغة: المتأسِّف، وهو (٣) المتوجِّع والمتحزِّن، قال المثقِّب العبدي:
إذا ما قمتُ أَرحَلُها بليلٍ... تأوَّهُ آهةَ الرجلِ الحزين (٤)
أصلها: تتأوه، بتاءين.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: (الأواه): التوَّاب (٥).
وقال ابن مسعود رضي اللَّه عنه: الدَّعَّاء (٦).
وقال الحسن وقتادة: الرحيم (٧).
(١) في "التأويلات" (حتى نعلم).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٤٩٣)، والكلام فيه بنحوه.
(٣) في (أ): "هو في اللغة التأوه لي هو" وفي (ف): "هو في اللغة المشاقة وهو"، بدل: "الأواه في اللغة: المتأسف وهو".
(٤) انظر: "ديوان المثقب" (ص: ١٦٤).
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٤٠) وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٨٩٦).
(٦) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٣٤ - ٣٥).
(٧) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٣٥ - ٣٨) عن الحسن وقتادة وابن مسعود وعمرو بن شرحبيل. والأول أصح إسنادًا عن ابن مسعود كما قال النحاس في "معاني القرآن" (٣/ ٢٦١).