وقال عبد اللَّه بن عامر: أتانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بيتنا وأنا صبيٌّ، فخرجت ألعبُ، فقالت أمي: تعال أعطِكَ، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما أردتِ أن تعطيهِ؟ " قالت: تمرًا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أمَا إنك لو لم تُعطِه كانت كذبة" (١).
وقال قتادة: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} الصدقُ في النية، والصدقُ في العمل، والصدقُ في الليل والنهار، والصدق في السرِّ والعلانية (٢).
وقال أهل المعرفة: هو الصدقُ في الأحوال.
وفي الزَّبور: كَذَب مَن ادَّعَى محبَّتي فإذا جنَّه الليل نام عنِّي.
* * *
(١٢٠) - {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}.
وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ}:
ثم حثَّ جلَّ جلالُه ساكني المدينةِ من غير المهاجرين والأنصارِ ومَن حولهم من الأعراب -مُزينةَ وأشجعَ وأسلمَ وجهينةَ وغِفار- على ما حثَّ عليه الأنصار، فقال: ما ينبغي لهؤلاء أن يتخلَّفوا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا استَنفرهم واستَنهضهم إلى
(١) في (أ): "كنت كذابة"، وفي (ف): "فأنت كذابة". والحديث رواه أبو داود (٤٩٩١). وفي الباب عن أبي هريرة، رواه الإمام أحمد في "المسند" (٩٨٣٦)، ولفظه: "من قال لصبي: تعال هاكَ، ثم لم يُعطِه، فهي كذبةٌ".
(٢) رواه ابن أبي حاتم (٦/ ١٩٠٧).