وقوله تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ}: أي: بعضُ هؤلاء المنافقين إلى بعضٍ إيماءً ببصره واستخبارًا بإشارته.
وقوله تعالى: {هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ}: أي: هل يتفقَّد (١) انصرافكم أحدٌ من المخلِصين.
وقوله تعالى: {ثُمَّ انْصَرَفُوا}: أي إذا وجدوا غفلةً من المؤمنين انصرفوا كراهيةً لسماع القرآن.
وقيل: خوفًا مما ينزل من ذكر مقابحهم.
وقيل: حذرًا من نزول الأمر بالجهاد، وتكليفِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إياهم بالخروج، واضطرارِهم إلى الإجابة إذا خاطبهم به.
وقيل: هي كقوله تعالى: {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} الإسراء: ٤٦.
وقوله تعالى: {صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}: حيث اختاروا الانصراف عن الإيمان، وعلِم اللَّه ذلك منهم فصرفهم عنه، وهو دليلُ خلقِ الأفعال، وهو كقوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} الصف: ٥.
وقال الحسن: ثم انصرفوا على عزم الكفر والتكذيب بمحمدٍ والقرآن (٢).
وقوله تعالى: {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ}: أي: استَحقُّوا ذلك عقوبةً لهم على تركهم التدبُّر في القرآن كمَن لا يفقهُ ذلك.
* * *
(١٢٨) - {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.
(١) في (ف): "يتقصد".
(٢) ذكره الواحدي في "البسيط" (١١/ ١٠٤).