وقوله تعالى: {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ}: أي: على إيمانِ مَن لم يؤمِن منكم.
وقوله تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}: الرأفة: أشدُّ الرحمة، والرحمةُ أعمُّ من الرأفة؛ لأنَّها استعملت في كلِّ نفع كالمطر والسعة والعافية وغيرها، فكان المعنى في الرؤوف: الشَّفيق (١) العطوف، وفي الرحيم: النافع المُفْضِل (٢).
وقال الحسين بن الفضل: لم يجمع اللَّه تعالى لأحد من الأنبياء بين اسمين من أسمائه إلا لنبيِّنا محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنه قال: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}، وقال لإبراهيم: {حَلِيمٌ} التوبة: ١١٤، وقال لإسماعيل: {صَادِقَ الْوَعْدِ} مريم: ٥٤ وليحيى: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} آل عمران: ٣٩.
* * *
(١٢٩) - {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}.
وقوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا}: أي: قرَّرنا صفاتك عندهم، فإن أعرضوا عنك ولم يصدِّقوك بل خالفوك وعادَوك {فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} فعرِّفْهم أن اللَّه أن الذي لا إلهَ إلا هو كافيكَ مكروههم (٣) وناصرُك عليهم.
وقوله تعالى: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ}: أي: أخبرهم أنك فوَّضْتَ أمورك إليه.
وقوله تعالى: {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}: أي: ذو القدرة والسلطان والملك، والعرشُ عبارةٌ عن الملك، يقال: ثُلَّ عرشُه؛ أي: زال ملكه.
وإنْ حُمل على العرش الذي فوق السماوات فذكرُه ذكرُ كلِّ المخلوقات لأنه
= رَحِيمٌ} {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ}، لا يهمه إلّا شأنكم، وهو القائم بالشفاعة لكم، فلا تهتموا لما عنتم ما أقمتُم على سنَّته فإنه لا يرضيه إلّا دخولكم الجنة.
(١) في (ر): "الشفوق".
(٢) "المفضل" ليست في (ف).
(٣) في (أ) و (ر): "مكروههم".