وقال آخر:
تلكَ العهودُ بشدِّها مختومةٌ... عندي كما هيَ عَقْدُها لم يُحْلَلِ (١)
* * *
(٣) - {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}.
وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}: مرَّ تفسيرُه في سورة الأعراف.
وقوله تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ}: قال مجاهد: يقضي الأمرَ وحدَه (٢).
والأمرُ جنسٌ أُريد به الجمع؛ أي: يقدِّرُ الأمورَ كلَّها، ويُمضيها في الدُّنيا والآخرة، مِن خَلْقِ أفعالِ العباد وأقوالهم وأحوالهم، وإظهارِ الحوادث مِن الموت والحياة، والعزِّ والذُّل، والصِّحَّةِ والمرض، والسَّعةِ والضِّيق، والخيرِ والشَّر، وإعطاءِ الذُّكور والإناث مِن الأولاد، وتصريفِ اللَّيل والنَّهار، والرِّيحِ والسَّحاب، والحرِّ والبرد، وكلِّ شيء؛ قال تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} الرحمن: ٢٩.
ولَمَّا كان الموكَّلون على بعض هذه الحوادث من الملائكة، قال في وصفهم: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} النازعات: ٥.
وكذلك أمورُ الآخرة كلُّها من الثَّواب والعقاب، واللُّطف والعِتاب، والعفوِ والحساب، والكشف والحجاب، بتدبيرِه وتقديرِه.
وقوله تعالى: {مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ}: أي: لا يفعلُ شيئًا مِن هذه الأمور بشفاعةِ أحدٍ.
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٧٧ - ٧٨)، والبيتان فيه دون نسبة.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ١١٤ - ١١٥).