تريَهم ما لم أُظهِرْ عليك فأخبرهم أنَّك غيرُ مستقلٍّ بك، ولا موكولٍ عليك، أنا القائم عليك، المصرِّفُ لك، وأنت المتَّبع لِمَا أُجريه عليك، غيرُ مبتدِع بما يحصل منك (١).
* * *
(١٦) - {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}.
وقوله تعالى: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ}: أي: قل يا محمَّدُ لهؤلاء: لو شاء اللَّه ما قرأتهُ عليكم بألَّا ينزِله عليَّ {وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ}؛ أي: ولا أعلمَكُمُ اللَّهُ به.
دريْتُ الشَّيءَ درايةً؛ أي: علمْتُه، وأدريْتُه غيري إدراءً؛ أي: أعلمْتُه.
وقوله تعالى: {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ} قال الضَّحَّاكُ: لقد لبثْتُ فيكم قبلَ نزول القرآن عمرًا طويلًا أربعين سنة ولا أقرأ لكم شيئًا ولا آتيكم به (٢).
{أَفَلَا تَعْقِلُونَ}: أنَّه ليس مِن قِبَلي.
وقيل: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} أنِّي لو كنْتُ أردْتُ شيئًا غير طاعتي لربِّي فيما أوحاه إليَّ لكان ذلك قبلَ نزول القرآن -وهو وقت شبابي- أمكَنَ، وأنا على ذلك حينئذ أقدَرُ، وعلى الدَّفع عن نفسي أقوى، وإذا تلوته عليكم في هذا الوقت فإنَّما ذلك للوحي ولخوف العذاب بالعصيان.
وقيل: {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا} قبلَ نزولِه، تعرفون حالي في مولدي ومنشئي وسفري وحضري، لم أشتغل بتعلُّمه، ولا اختلفتُ إلى مَن يعرفُه، فإذا
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٨٤).
(٢) قاله مقاتل. انظر: "تفسيره" (٢/ ٢٣١)، وروى نحوه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ١٣٨)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٩٣٥) عن قتادة.