{إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ}؛ أي: لا يظفرون بمطلوبٍ، ولا يصلون إلى مأمولٍ، ولا يأمنون مِن محذورٍ.
* * *
(١٨) - {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
وقوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ}: قال ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: أي: ويعبدون من دون اللَّه الأصنامَ الَّتي لا تضرُّ مَن عصاها ولا تنفعُ مَن أطاعَها في معاشٍ ولا رزقٍ ولا غيره (١).
{وَيَقُولُونَ}: يعني أهل مكَّة: {هَؤُلَاءِ}: يعنون الأصنام {شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}.
وقال الحسنُ: أي: في إصلاحِ المعاشِ؛ لأنَّهم كانوا لا يقرُّون بالمعاد، قال تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} النحل: ٣٨ (٢).
وقوله تعالى: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ}: أي: أتخبرون اللَّهَ بما لا يعلمُه موجودًا؛ أي: بما يعلمُه غيرَ موجودٍ؛ لأنَّه لو كان موجودًا لكان معلومًا له وجودُه؛ لأنَّه عالمٌ بكلِّ شيءٍ، وكيف يصحُّ وجودُ ما لا يعلمُه؟
وقوله تعالى: {سُبْحَانَهُ}: تنزيهُ اللَّهِ عن كلِّ سوءٍ {وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}: قرأ حمزةُ والكسائيُّ بتاء المخاطبة، كما قال تعالى: {أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ}، والباقون على المغايبة، كما قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ} {وَيَقُولُونَ} (٣).
(١) نحوه دون نسبة في "تفسير الثعلبي" (٥/ ١٢٤).
(٢) ذكره الواحدي في "البسيط" (١١/ ١٤٩).
(٣) انظر: "السبعة" (ص: ٣٢٤)، و"التيسير" للداني (ص: ١٢١).