وفَلَكِ السَّماء، ومعناها: الدَّورانُ في الماءِ، وهي تجيءُ للجَمْعِ والواحدِ، ويذكَّرُ ويؤنَّثُ، وهاهنا للجمعِ.
وقوله تعالى: {وَجَرَيْنَ بِهِمْ}: والنُّون للجمع، ثمَّ رجع للمغايبة بقوله: {بِهِمْ} بعدَ ذِكْرِ المخاطبة: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ}، وهو طريق مسلوك لأهل اللِّسانِ، ومعدودٌ في الفصاحةِ والبيان، مع أنَّه خِطابٌ لِمَنْ كانَ في تلك الحالة، وإخبارٌ لغيره من النَّاس، وهو كقولِ لَبِيْدٍ:
باتَتْ تَشَكَّى إليَّ النَّفسُ مُجْهِشَةً... وقَدْ حَمَلْتُكِ سَبْعًا بَعْدَ سَبْعِيْنَا (١)
وقوله تعالى: {بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ}: أي: جرَتِ السُّفنِ براكبيها بريحٍ ليِّنةٍ يُسْتَطابُ هبوبُها، ويستقيمُ مرورُ السُّفنِ بها.
وقوله تعالى: {وَفَرِحُوا بِهَا}؛ أي: سُرُّوا بهذه الرِّيح، وأمنِ السَّفينةِ لمحالِّها (٢).
وقوله تعالى: {جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ}: أي: انتقلَتِ الرِّيح فصارَتْ عاصفًا شديدةَ الهبوبِ.
قوله تعالى: {وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ}: أي: تلاطَمَتِ الأمواجُ مِن كلِّ جانبٍ مِن جوانبِ السَّفينةِ.
وقوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ}: أي: أشرفوا على الهَلَكَةِ، وغلَبَ ظنُّهم أنَّهم لا يتخلَّصون مِن الغرقِ.
وقوله تعالى: {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}: أي: بالاعتقادِ والعلمِ أنَّه لا يخلِّصُهم
(١) انظر: "ديوان لبيد بن ربيعة" (ص: ١٣٩)، وبعده:
فإن تزادي ثلاثًا تبلغي أملًا... وفي الثلاث وفاء للثمانينا
(٢) في (ر): "وأمر السفينة لحالها"، وفي (ف): "وأمن السفينة".