عَلَيْكُمْ} الرعد: ٢٣ - ٢٤: وهو سلام الملائكة، وقال تعالى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} يس: ٥٨: وهو سلام اللَّه تعالى.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: الدُّعاءُ تكليفٌ، والهدايةُ تعريفٌ، فالتَّكليف على العموم، والتَّعريف على الخصوص، التَّكليف بحقِّ سلطانه، والتَّعريف بحكم إحسانِه، الدُّعاء قولُه، والهداية طَولُه.
و {دَارِ السَّلَامِ}: دار السَّلامة؛ سلم أهلُها مِن الحُرْقةِ والفُرْقةِ؛ سلموا مِن الحُرْقةِ فحصلوا على لذَّة عطائِه، وسلموا مِن الفُرْقةِ فوصلوا إلى عزيز لقائهِ.
وقيل: لا يصلُ إلى دار السَّلام إلَّا مَن سلمَتْ نفسُه مِن سجود الصَّنم، وقلبُه من الشِّرك والظُّلم.
ودرجاتُ تلكَ الدَّار متفاوتةٌ، فالَّذي سلمَ قلبُه عن صحبة الأغيار أعلى درجةً ممَّنْ سلمَتْ نفسُه عن الذُّنوب والأوضار.
والصِّراطُ المستقيمُ: طريقُ المسلمين، فهذا للعوام بشرط علم اليقين، ثمَّ طريقُ المؤمنين وهو طريق الخواصِّ بشرط عين اليقين، ثمَّ طريقُ المحسنين وهو طريقُ أشراف الخواصِّ بشرط حقِّ اليقين، فهؤلاء بنور العقل أصحاب البرهان، وهؤلاء بكشف العلم أصحاب البيان، وهؤلاء بضياء المعرفة بوصف العِيَان، وهم الَّذين قال لهم النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الإحسانُ أنْ تعبدَ اللَّهَ كأنَّكَ تراهُ" (١)، و: "المسلمُ مَنْ سَلِمَ المسلمونَ مِن لسانِهِ ويدِهِ" (٢).
والمحسنُ: مَن سَلِمَ الخَلْقُ بأجمعِهم عَن قلبِه.
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٩٠ - ٩١)، والحديث رواه البخاري (٥٠)، ومسلم (٩)، من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه. ورواه مسلم (٨) من حديث عمر رضي اللَّه عنه.
(٢) رواه البخاري (١٠)، ومسلم (٤٠)، من حديث عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما.