وقوله تعالى: {وَهُدًى}: أي: إرشاد إلى الصَّواب {وَرَحْمَةٌ} منه؛ أي: مِن اللَّه تعالى على عبادِه، ببيان شرائع الدِّين والأمورِ الَّتي توصلُهم إلى جنَّته ونعمته.
وقوله تعالى: {لِلْمُؤْمِنِينَ}: أي: هم الَّذين ينتفعون بها.
وقيل: {وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}؛ أي: تخليصٌ مِن العذاب للَّذين يؤمنون به؛ أي: يصدِّقون بأنَّه مِن عند اللَّه.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: الموعظةُ لأربابِ الغيبة ليتوبوا، والشِّفاء لأصحاب الحضور ليَطِيبوا.
قال: وقيل: الموعظةُ للعوامّ، والشِّفاء للخواصّ، والهُدى لخاصِّ الخاصّ، والرَّحمة لجميعهم، وبرحمته وصلوا إلى ذلك (١).
* * *
(٥٨) - {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}.
وقوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ}: الفَضْلُ: الزِّيادة في النِّعمة، وفَضْلُ اللَّهِ: إفضالُه، كالنَّبات يجيء بمعنى الإنبات؛ قال اللَّه تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} نوح: ١٧.
أي: قلْ يا محمَّد لهؤلاء الَّذين هِمَّتُهم جمعُ الأموال وأسباب الرِّفعة في الدُّنيا، لا الإيمان: بفضل اللَّه وبرحمته افرحوا، لا بالمال وأسبابِ الجلال والجمال، وهو قوله تعالى:
{فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}: قرأ الحسنُ بتاء المخاطبة (٢)، وكان الكسائيُّ يَعيب هذه
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١٠٢).
(٢) ذكرها عنه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ١٩٨)، وهي رواية رويس عن يعقوب. انظر: "حجة =