(٥٩) - {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ}.
وقوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا}: قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أضافَ إنزاله إلى السَّماء وإنْ كانت الأرزاقُ إنَّما تخرجُ مِن الأرض؛ لِمَا أنَّ أسبابَها متعلِّقة بالسَّماء مِن المطر والشَّمس والقمر، في الإنبات والإنضاج والتَّلوين، وقال تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} الذاريات: ٢٢، وهو على هذا.
ويحتمِلُ قولُه: {أَنْزَلَ}؛ أي: خلقَ، كما قال تعالى: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} الزمر: ٦.
وقوله: {فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا} يونس: ٥٩: مِن البَحيرة والسَّائبة والوَصيلة والحامي.
وقيل: ما جَعَلوا للَّه ممَّا ذَرَأَ مِن الحَرْثِ والأنعامِ (١). وقد مرَّ بيانُ الأمرَيْن.
وفيه دليلٌ على أنَّ الحرام مِن رِزق اللَّه كالحلال.
وقوله تعالى: {قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ}: استفهام بمعنى الإنكار {أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ}؛ أي: بل على اللَّه تَكْذِبون.
وقال الكلبيُّ: قلْ يا محمَّد لأهل مكَّة: أرأيتم ما أنزلَ اللَّهُ لكم في الكتاب مِن رزقٍ حلالًا، فجعلْتُم ممَّا رزقَكم اللَّهُ حرامًا على النِّساء وحلالًا على الرِّجال، وهذا في شأن البَحيرة والسَّائبة والوصيلة والحامي، قُلْ: آللَّه أمركم به أم على اللَّه تختلقونَ الكذبَ ما لم يأمُر به (٢).
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٥٥).
(٢) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٢/ ١٢٢) دون نسبة.