وقال مقاتل: قلْ لكفَّار مكَّة قريشٍ وخزاعةَ وثَقيفٍ وعامرِ بن صعصعةَ وبني مُدْلجٍ وعامر والحارث ابني عبد مناة: {أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ}؛ يعني: الحرثَ والأنعام، {فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا} يعني: ما حرَّموا للآلهة من الأنعام، {قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} بتحريمه، بل على اللَّهِ تقولون الكذب (١).
* * *
(٦٠) - {وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ}.
وقوله تعالى: {وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}: استفهامٌ بمعنى التَّوبيخ والتَّقريع، وأضمرَ في آخره: (باللَّه)؛ أي: وما ظنُّهم باللَّهِ في يوم القيامة، ماذا يفعلُ بهم جزاءً على افترائهم عليه؟
وقال الإمام الزَّاهد أبو منصور رحمه اللَّه: فإنْ قيل: كيف أُوعدوا بيوم القيامة وهم لا يؤمنون بالبعث؟
قيل له: قد ألزمَهم الحُجَّة على كون (٢) البعث بما أقام مِن الدَّلائل، وبما جعلَ في عقولهم من الإيمان به؛ إذْ ليسَ مِن الحكمة خلقُ الخلقِ للفناء خاصَّة.
وبعدُ فإنَّه قد يُوعَد المرء بما لا يَتيقَّنُ به، ويخوَّف عليه وإنْ لم يحطْ علمُه به.
ومعنًى آخر: {وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} لو خرجَ الأمر حقًّا، وظهرَ ما قالَه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مِن البعث صدقًا (٣).
(١) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٢٤٢). وزاد في هامش (ر): "كقوله: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ} يقول: بل أنا خير" وعليها إشارة التصحيح.
(٢) أي: على حصول. وكلمة "كون" ليست في (أ). وفي "التأويلات": (بكون).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٥٧).