قال المبرِّد: أي: فرِّجوا عن (١) أنفسِكم ولا تغمُّوها.
وقيل: أي: ضيقًا وغمًّا.
وقيل: أي: مغطًّى ملبَّسًا. قاله الأخفش (٢)، وأنشدوا لطرفة:
لَعَمْرُكَ ما أمري عليَّ بغُمَّةٍ... نهاري ولا ليلي عليَّ بِسَرْمَدِ (٣)
وهو من قولهم: غُمَّ الهلال، وأصلُه: أنَّ مَن أضمرَ شيئًا فكَّر في إمضائه، وانتهزَ الفرصة فيه، فهو في غمٍّ منه والتباس، لا يدري أيتهيَّأ له إمضاؤه أم لا؟
وقوله تعالى: {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ}: أي: افرُغوا إليَّ ممَّا تريدون بي، ومعناه: أتمُّوه، وهو كقوله تعالى: {فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} طه: ٧٢.
وإدخال (إلى) على معنى: أَلْقوا إليَّ ما استقرَّ رأيكم عليه مفروغًا منه.
وقوله تعالى: {وَلَا تُنْظِرُونِ}: أي: ولا تُمهِلون.
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ}: قولكم وعملكم {وَشُرَكَاءَكُمْ}: واستعينوا بآلهتكم {ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً} يعني: أظهروا أمركم ولا تكتموا {ثُمَّ اقْضُوا} امضوا {إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ}؛ أي: لا ترقبوا فيَّ أحدًا (٤).
وقال الضَّحَّاكُ: أي: انهضوا إليَّ ولا تؤخِّرون (٥).
(١) في (ف): "فرحوا".
(٢) ذكر نحوه الزجاج في "معاني القرآن" (٣/ ٢٨)، ونقله الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٦/ ٦٩) عن الكسائي.
(٣) انظر: "ديوان طرفة" (ص: ٢٩).
(٤) انظر: "تنوير المقباس" للفيروزابادي (ص: ١٧٧).
(٥) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٩٦٩).