(٧٢) - {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.
وقوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ}؛ أي: فإن أعرضتم {سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} فتحتجُّوا به عليَّ لإعراضكم.
وقيل: أي: فلا ضرر عليَّ لانّي لم أَدْعُكم إلى الإيمان لأجرٍ آخذُه منكم يفوتُني إذا لم تؤمنوا، فإنَّما الضَّرر في ذلك عليكم بما يفوتكم مِن ثواب اللَّه.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: يقول: كيف أعرضْتُم عن قَبوله ولم أسألكم أجرًا على ذلك فيكونَ لكم عذر في الإعراض، وهو كقوله: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} الطور: ٤٠.
وفيه دلالةٌ على منعِ أخذِ الأجر على تعليمِ العلم؛ لأنَّه لو جازَ ذلك لكان لهم عذرٌ ألَّا يبذلوا ذلك، ولا يتعلَّموا شيئًا مِن ذلك، وفيه هَدمُ شرائعِ اللَّهِ تعالى وإسقاطُها (١).
وقوله تعالى: {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}: أي: المُنقادين.
وقيل: أي: مِن المخلصين.
* * *
(٧٣) - {فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ}.
وقوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}: أي: أسكناهم في الأرض بعد إهلاك الَّذين قبلَهم، وأغرقنا المكذِّبين.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٧٠).