إسرائيل، كان الزَّمان بعدَ مجيء موسى امتدَّ على موسى حتَّى ماتَ كثيرٌ من الآباء وبقي أولادُهم فآمنوا به. وهو قول مجاهد (١).
والصَّحيح: {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى} مِن قوم فرعون {إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} حقَّقوا أقوالهم: {وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ} يونس: ٧٨ إلَّا يسيرٌ ممَّن قلنا: إنَّ أمهاتهم كنَّ إسرائيليَّات آمنوا ميلًا إليه مِن جهة قرابات الأمَّهات، ومع هذا كانوا خائفين مِن فرعون وأعوانه أن يفتنوهم عن دينهم؛ أي: يصرفوهم؛ إذ كان فرعونُ -إلى أن أهلَكَه اللَّه- غالبًا في ملك مصر لأهلِها (٢) بالغَلَبة والقَهْر، مسرفًا مجاوز القَدْرَ في الكفر بادِّعاء الألوهيَّة، وقتل النُّفوس.
وقيل: هؤلاء النَّفر اليسير: امرأةُ فرعون، وخربيل مؤمن آل فرعون، وخازن فرعون، وامرأة خازنه (٣).
ثم قوله: {وَمَلَئِهِمْ} على الجمع له ثلاثةُ أوجهٍ:
أحدها: أنَّه يرجع إلى الذُّرِّيَّة.
والثَّاني: أنَّه يرجع إلى فرعونَ، وكان ملكًا، وذكرَهُ مع أتباعِهِ، يُقال: قدمَ الخليفةُ مع أتباعِه وأنا أخافُ السُّلطانَ؛ أي: أخافُه وأتباعه.
والثَّالث: أنَّه ذَكَرَ فرعون، ومعناه: آل فرعون، أضمر الآل، كما في قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}؛ أي: أهل القرية، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} الطلاق: ١؛ أي: يا أمَّة النَّبيِّ.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٢٤٥).
(٢) كلمة "لأهلها" غير واضحة في (أ)، ووقع في (ف): "ملك الأرض لأهلها"، وفي (ر): "تلك الأرض لأهلها".
(٣) روى الطبري هذا القول في "تفسيره" (١٢/ ٢٤٦) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.