(٩٠) - {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.
وقوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ}: أي: أجبنا دعاءَهما، وأمرنا بني إسرائيل بالخروج للوقت المعلوم، ويسَّرنا لهم أسبابَه، فلم يعلمْ فرعونُ وملؤُهُ بهم، ولا بخبرِ استعدادِهم للخروج، لإخفائِنا ذلك عنهم، وصَرْفِنا إيَّاهم عنهم باشتغالهم بدفن أبكارِهم، إذْ متنَ تلك اللَّيلة.
وقوله تعالى: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ}: أي: طلبوا لحاقَهم، وكذا قولُه: {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} الشعراء: ٦٠.
{بَغْيًا}: أي: استطالةً عليهم {وَعَدْوًا}؛ أيْ: ظلمًا واعتداءً.
قال قيس (١): كانَ مع موسى عليه السلام مِن بني إسرائيل ستُّ مئة ألف، وكان مقدِّمة فرعون سبعَ مئة ألف، كلُّ رجل منهم على حصان، على رأسه بيضة، وبيده حَرْبَة، وهو خلفَهم في جمعٍ كثيرٍ، فلمَّا انتهى بنو إسرائيل إلى البحر قالوا: يا موسى، أين ما وعدتنا؟ هذا البحرُ بينَ أيدينا، وهذا فرعونُ على أثرنا وجنوده، فقال موسى للبحر: انفلقْ أبا خالد، قال: لن انفلق لك، أنا أقدمُ منك وأشدُّ خلقًا، فنُودي موسى: أنِ اضرِبْ بعصاك البحرَ، فضربَ، فانفلقَ البحرُ، وكانوا اثني عَشَرَ سِبْطًا، حتَّى كان لكلِّ سِبْطٍ طريقٌ (٢).
قال وهبٌ: وارتفعَ بينَ كلِّ طريقَيْن الماءُ كالجبل، وكانوا بني عمٍّ، لا يرى
(١) هو قيس بن عُبَاد، أبو عبد اللَّه البصري، مخضرم مات بعد الثمانين، ووهم من عده في الصحابة. قاله في "التقريب".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٥٧٤).