أحدها: أنَّه يحتمل أنَّ هارون دعا أيضًا، وإنما ذُكر عن موسى لأنَّه كان أصلًا.
والثَّاني: يحتمل أنَّ هارون اقتدى به فيما دعا، واتَّبع ألفاظَه فيه، فكان الأصلُ موسى فأُضِيفَ إليه، ثمَّ كانت الإجابة لهما.
والثَّالث: أنَّ موسى عليه السَّلام يدعو وهارون عليه السَّلام يؤمِّنُ، والتَّأمينُ دعاءٌ، فإنَّ معناه: كذلكَ فليكُنْ.
وقوله تعالى: {فَاسْتَقِيمَا}: على ما أنتما عليه من الإبلاغ والوعظ إلى حلول الوقت، ولا تستعجلا.
وقوله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}: فرعون وقومه.
قرأ ابنُ عامر: {وَلَا تَتَّبعانِ} بتخفيف النُّون (١)، وهو إخبارٌ لا نهيٌ، وقرأ الباقون بالتَّشديد: {وَلَا تَتَّبِعَانِّ} نهيٌ، والنُّون للتَّأكيد، كما في الواحد: لا تقولَنَّ ولا تفعلَنَّ.
وقال ابن عبَّاس وابن جريج رضي اللَّه عنهم: مكثَ فرعون بعد الدَّعوة أربعين سنة (٢).
وقال الإمام القشيريُّ رحمَه اللَّه: مِن شرط الدُّعاء صِدْقُ الافتقار في الابتداء، ثمَّ حُسْنُ الانتظار في الانتهاء، وكمالُه بالرِّضا بجريان الأقدار، بما يبدو مِن المسارِّ والمضارّ.
والاستقامةُ في الدُّعاء: سقوطُ التَّقاضي على الغيب، والخمودُ عن الاستعجالِ بُحسْنِ الثِّقة وجميل الظَّنِّ (٣).
(١) هي رواية ابن ذكوان عن ابن عامر. انظر: "السبعة" (ص: ٣٢٩)، و"التيسير" (ص: ١٢٣).
(٢) رواه ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، كما في "الدر المنثور" للسيوطي (٦/ ٤١٥). ورواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٢٧٣) عن ابن جريج.
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١١٣).