وقوله تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: أي: قلْ يا محمَّد للمشركين: انظروا أيُّ شيءٍ في السَّماوات والأرض مِن العِبَرِ؟ مِن مجيء الَّليل والنَّهار، ومجرى النُّجوم والأفلاك، ونتاج الحيوان، وخروج الزُّروع والثِّمار، ووقوف السَّماوات والأرض بغير عمادٍ، وكلُّ ذلك تدبيرٌ يقتضي مدبِّرًا لا يُشبِهُ الأشياء، ولا يُشْبِهُه شيءٌ.
وقيل: أي: فيها عجائبُ الصُّنع الذي أنتم مقرُّون بأنَّ اللَّهَ تعالى خلقَها، فإنَّكم إذا نظرْتُم علمْتُم أنَّه مِن صُنع مَن لا يجوز أنْ يكونَ له في مُلْكِه شريك.
وقوله تعالى: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ}: يجوزُ أنْ تكونَ (ما) نفيًا، ويجوز أن تكونَ استفهامًا {وَالنُّذُرُ}: الرُّسل {عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ}؛ أي: وما ينفعُ ذلك إذا لم يستدلُّوا به فيؤمنوا.
وقال الإمام القشيريُّ رحمَه اللَّه: الأدلَّة وإنْ كانت ظاهرة فما تغني إذا كانت البصائرُ مسدودة، كما أنَّ الشَّمس وإنْ كانَتْ طالعةً فما تغني إذا كانَتِ الأبصارُ عن الإدراكِ بالعَمى مردودة، كما قيل:
وما انتفاعُ أخي الدُّنيا بمُقْلَتِهِ... إذا استوَتْ عندَهُ الأنوارُ والظُّلمُ (١)
* * *
(١٠٢) - {فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ}.
وقوله تعالى: {فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ}: أي: فلينتظرْ
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١١٧). والبيت للمتنبي. انظر: "ديوانه" (ص: ٣٦٣) ت: عبد الوهاب عزام.