هؤلاء المتَّبعون للهوى والظَّنِّ، التَّاركون للنَّظر والاستدلال في الشِّرك والتَّكذيب، أنْ (١) ينزلَ عليهم مِن عذابِ اللَّهِ ما نزلَ على الأممِ الخاليةِ المكذِّبة أنبياءَها.
وقال قتادة: إلَّا مثلَ وقائعِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ في الأوَّلين قومِ نوحٍ وعادٍ وثمودَ (٢).
وقال يمان بن رئابٍ: {مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا}؛ أي: مثل عذابهم، والعربُ تسمِّي العذابَ: أيَّامًا، والنَّعيم: أيَّامًا؛ قال تعالى: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ} إبراهيم: ٥؛ أي: بنِعمِ اللَّهِ، وكلُّ ما مضى عليك مِن خير أو شرٍّ فهو أيَّامٌ؛ لوقوعه في الأيَّام (٣).
وقوله تعالى: {قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ}: أي: إنجازَ وعدِه لي في إنزال العذاب بكم إنْ أقمْتُم على تكذيبي.
وقال الإمامُ أبو منصور رحمَه اللَّه: يحتمِل: هل ينتظرون بي يومًا مِن الهلاك إلَّا مثلَ ما انتظر الَّذين خَلَوا مِن قبلِهم برسلِهم مِن الهلاك.
ويحتمل: هل ينتظرون نزولَ العذاب بهم إلَّا مثل ما انتظرَ أولئك مِن نزول العذاب بهم.
ويحتمل: هل ينتظرون مِن تأخيرهم الإيمانَ إلى وقتِ نزولِ العذاب بهم إلَّا مثلَ ما أخَّرَ أولئك، وهو يخرج على الإياس من إيمانهم.
* * *
(١٠٣) - {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ}.
وقوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا}: أي: ثمَّ نخبركم أنَّ مِن سُنَّتِنا إذا أنزلْنا العذابَ بقومٍ أنْ نُخْرِجَ مِن بينِهم رسولنا والذين آمنوا معَه.
(١) في (أ) و (ر): "إلا أن".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٣٠٢)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٩٩١).
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٥٣) دون نسبة.